.
  سيرة 7
 

مذكرات موموح
سيرة
07

محمد الصفا


يَفْرِكُ عينيه و هو يستمع الى سنفونية اخرى هذا الصباح افتتحها الدِّيَّكَة باكراً و أنْهتْها قطعان الماعز و غَنَماتُ السيد عازار و بقرات العمّ موسى و هي خارجة لتلتمس الرزق في خبايا الغابات المجاورة.
يلبس جلبابه و يخرج متأبطاً إناءً صغيراً أبيضَ اللون لم يعُد يُستعمل للشرب بسبب ما أصابه من ثقوب، فَراحَ يبحث في جنبات أشجار الزيتون عن حبات قد تكون الريح الليلية أرْدَتْها أرضاً، يَملأُ "الغَرَّافَ" فيعود به مَزهُواً بانتصاره ليُفْرِغَه على الحَبَّات التي التقطها بالأمس.
لم يعُدْ يُحس بيديه و رجليه من فرط البرد الصباحي (أَفْلاطْ)، فتُجلِسُه أُمُّه بالقرب من الكانون و تنصحُه بعدم الاقتراب كثيراً من النار حتى لا تُصيبَه "تِرَّخْتْ " (حَكَّة مؤلمة ناتجة عن الانتقال السريع من البرودة الشديدة الى السخونة المفرطة).
دَبَّ الدفءُ في جسمه الصغير فعاوَدَه النعاسُ على جعجعة رَحَى أُمِّه و هي تُديرُها قابضةً على "أَسْفْلُو" لطحن الشعير لخبز الغداء و "بلبولة" المساء.
لم يكنِ اليومُ يومَ مدرسة، فكان عليه أن يوصِل البقرة إلى حيثُ مَرْعاها ثم يعود، إنها مأمورية ستُعَلِّم ُ موموح كيف يصير رَجُلاً قبل الأوان.
يتذكر موموح جيداً تفاصيل الطريق إلى "بوفروخ" حيث يجب عليه أن يترك البقرة وخاصة الأماكن المخيفة منها حيث كان بَدَنُه يقشعِرُّ عند تَذَكُّرِه و هو راجعٌ لِقَصَصِ جَدّته من أُمِّه حول "تَرْكُو" الغُولة فيُسْرِعُ الخُطَى حتى يُخَفِّفَ من وطأة الخوف عليه...

 
  Aujourd'hui sont déjà 19734 visiteurs (49617 hits) Ici! Copyright Mohamed SFA 2008  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement