.
  سيرة 4
 

مذكرات موموح
سيرة 04

محمد الصفا

كما الهنود الحمر يئن أهل موموح تحت الدرك الأسفل لعتبة الفقر يتلاطمهم العوز و المخمصة، بسطاء عميقو الإيمان يهتمون كثيراً بأمور مسجدهم عسى الله أن يأتيهم خيراً و يحفظهم من ثورات الوديان و نزول السيول من عل محملة بالصخور.
تمتهن عائلة موموح الحدادة لفائدة القبيلة مقابل حصة من الحبوب تصرف في آخر الصيف بعد الحصاد، لم يكن للأسرة دخل آخر غير "الشرط" العيني مقابل خدمات الحدادة. و تبعاً لذلك لم يكن لموموح من اللباس سوى قميص للصيف و جلباب لظروف البرد من نسج أمه، إنه يتذكر جيداً ثنائية ألوان جلبابه و تفاصيل رسوماته الهندسية التي يحسبها الناظر حروفاً هيروغليفية، و حيث أنه كان من الصوف الخالص فإن موموح لا زال يحس كيف كان جلبابه الصغير يصير ثقيلاً بفعل الزخات المطرية خلال غدوه المدرسي.
قطعتين من اللباس فقط ! ويحه موموح، كان كما كثير من أطفال قرى الأعالي يعتمد على مناعته الذاتية لمواجهة قساوة الطبيعة.
لم تعد طفولة رجليه بادية، شبه سوداء هي حد الكعبين كأنها بورية لم تعرف الماء منذ شهور، صار أخمص قدميه من اللين الناعم إلى الصلب كما جلدُ "بندير"، خشنة يديه ألفَ ألا يُحس بأصابعه التي يُزين قممَ داخل أظافرها خط أسود من عصير وسخ، تعلو قمة أنفه الصغير كما فتحاته بقايا مُخاط تقادم حتى صار مؤلماً كلما حاولت أمه إزالته...

 
  Aujourd'hui sont déjà 19734 visiteurs (49614 hits) Ici! Copyright Mohamed SFA 2008  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement