مذكرات موموح
سيرة 14
محمد الصفا
لم يكن موموح طبْعاً يعرف شيئاً عنْ تِفيناغْ لكنه تَمَنَّى لوْ كان هذا السوماتي المحترم جداً يتحدَّثُ إلى الأطفال بالأمازيغية، فراوَدَتْهُ الأفكارُ و الأحْلامُ عن عَقْلِهِ الساذج فصارَ في يقَظَتِه يحْلُمُ و كأنّه جاء في صِفَة مُعلّمٍ بالأمازيغية حتى يُذْهِبَ الخوفَ عن رفاقِه الصغار، فلَمْ يَنْتَهِ مِمّا هو فيهِ إلاّ بصَرْخَةٍ، عفْواً، بكلامٍ غريبٍ من المُعلّم و هو يُلَوِّحُ بالمسطرةِ كَما لوْ كانَ مُهَدِّداً.
بَلَغَ خوفُ الأطفال إلى الآباء فقرروا رَفْعَ الأمْرِ إلى مجلس الجماعة في اجتماع طارئ بعْد صلاة الجمعة.
قَرّرَ أعْيانُ القرية تعيينَ مُكلفين بالدراسات و مُترجِمين يُرافِقون المُعلّمَ، بالتّناوُبِ، في تبليغ اللغة الوطنية "الأولى" للأطفال ! يَحْضُرُ أَحَدُ فقهاء القرية دروسَ السيد السوماتي و يُتَرجِمُ ما يَقولُه المعلم بالعربية إلى الأمازيغية، فصارتِ الدروسُ مُسَلِّيَّةً لموموح و لِرِفاقِه كمَا هي الرُّسومُ المتحركة لأطفال اليوم.
يتذكّرُ موموح جَيِّداً إحْساسَه بِنَشْوَةِ انتصارِ مُتّهَمٍ لم يَرْتكِبْ جُرْماً، لقد عَيَّنَ أَهْلُه محاميّاً ليُرافِعَ عن هَوِيَّةِ موموح.
لم يحصل موموح على البراءة الكاملة و لم يَقْبَلْ أَهْلُه بوقْفِ التنفيذ فسَافَرَ كبارُ القوْم إلى حَيْثُ "البِيرُو" ليَشْكُوا عَجْزَ السيد الفاسي التواصلَ مع أَحْفادِ مَازِغْ.
تَمَّ، في السنة الموالية، تعيينُ شابٍّ أمازيغي من دوار "تمورغوت" يحْمِلُ الشهادة الابتدائية لِيُدَرِّسَ الأطفالَ العربية و "العجمية"، و تِلْكَ سيرةٌ أخرى.
|