.
  سيرة 24
 

مذكرات موموح
سيرة 24


لمحمد الصفا


موموح لَدَيْه حُلْم ...
أمازيغٌ هُمْ، بُسطاءُ يُقيمون على شَظَفِ العَيْش، يَرْضَوْن بالقليل لكنّهُم مَرْفُوعُو الهامَةِ يَمْشُون، مُتَضامِنون في السَّرَّاءِ و الضَّرَّاءِ رُحَماءُ بيْنَهُم، يعيشون على مُشتقّات الشعير و الزيتون و الحليب و على قليلٍ من الفول و البصل و الذُّرة، يصنعون لباسَهم بأيديهم و ينسجون خِيّامَهُم من شَعْرِ مَاعِزِهِم و يَبْنُونَ منازلَهم البسيطة من طِين، يشتغلون على الفلاحة الصغرى و على تربية الماعز و قليلٍ من البقر و على صناعةٍ تقليديةٍ بدائية، إنّهُم أَهْلُ موموح ب "تحفورت" إحدى أَعْرَقِ و أَهَمِّ قُرَى الأعالي.
يستيْقِظون عند الفجرِ و ينامون بعد الدجاجات و الدِّيَّكَة بقليل، يشتغلون في نشاطات البناء و الحرث و الحصاد و السَّقْيِ بنِظامٍ تعاوُنيٍّ و تَنَاوُبِيٍّ فريد "تْوِيزِي"، يَقْرِضُ السُّوسُ شعيرَهم في "إقْبَّاطَنْ" و لَنْ يَبيعُوهُ أَبَدَا و كذلك كان الأمْرُ بالنسبة للسَّمن و الزيت، علاقتُهُم بالنقود محدودة إلا ما جاءَهَم من بيعٍ استثنائيٍّ لتُيُوسِهم لِأغراضَ مُحَدَّدة كالسُّكَّر و الشاي و القهوة و الشمْع و قليلٍ من الصابون، مُتَدَيِّنُون يُغَالِبُونَ عُزْلَتَهُمْ و أُمِّيَّتَهُم التي تَفْرِضُ عليهم، بِحُكْمِ مُستقبلٍ مَبْنِيٍّ لِلْمَجْهول، بَعْضاً من الخُرافَةَ و الشعوذة و الخُزَعْبِلات...
العَمَلُ رأسُ مالِهِم الأوّل و البَغْلةُ وسيلتُهُم الأساسية في الحَرْثِ و النَّقْلِ و التَّنَقُّل، ذَوُو مَنَاعة لا يَعرِفون الطَّبِيبَ، يمرضُون فيَمُوتُون و تَقتُلُ الحُمى أطفالَهُم و تُعْتَبَرُ الوِلادةُ خَطَراً حَقيقيّاً على نِسائِهِم.
هُمْ أَصْلُ موموح و أهْلُهُ الذين عاش و تَرَبَّى بين أحضانِهم، "فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلا"، ربَّما وصَلتْ بعضُ وسائل الحياة السَّهْلة إلى "تحفورت" لكنَّ أهْلَ موموح لا زالُوا على "صِبَاغَتِهِم" الأولى كما بَقِيَّتْ "تحفورت" مُفْتَقِدَةَ إلى التجهيزات الأساسية في كُلِّ المجالات، على الهامِشِ مَنْسِيُّونَ هُمْ أهْلُهَا فاختارَ أغلبُهُم الرَّحيل ....سَتنْقَرِضُ "تحفورت".
و على الرغم من أن "تحفورت" تواجه كل الصعوبات حَدَّ الانقراض، فإن موموح لا يزال لدَيْه حُلْمٌ.
لديه حُلْمٌ، أنَّه في المستقبل القريب سيصيرُ شابٌّ من قُرى الأعالي وزيراً للتجهيز و المِيَّاه و الغابات و السيّاحة.
لديه حُلْمٌ، أنه في يوم من الأيام سَيتمكَّن أبناءُ سُفوحِ بويبلان من عُبُور الأنهارِ دون المُخاطَرة بأرواحهم و ستتوفر جماعاتُ المنطقةِ و قُراهَا على أطباءَ و سيارات الإسعاف.
لديه حُلْمٌ، أنه في يوم من الأيام ستَنْقُلُ الشاحناتُ منتوجات "تحفورت" في اتِّجاهِ مدينة تازة.
لديه حُلْمٌ، أنه في يوم من الأيام ستنْزِلُ نِسبةُ الفقرِ و الهَشاشَة بجماعَتَيْ مغراوة و بويبلان من 66 بالمائة ليُقارِبَ المُعَدَّلَ الوطني.
لديه حُلْمٌ، أنه في يوم من الأيام سَيَتِمُّ استغلال غابات المنطقة في اتِّجاهِ تحسين مَوارِد جَماعاتها.
لديه حُلْمٌ، أنه في يوم من الأيام سيُصَلِّي صلاةَ الجمعة و سيُصْغِي للخُطْبَة باللغة ا
لأمازيغية بمسجد "تحفورت".
ذاك هو حُلْمُ موموح و أمَلُه...
إليك أيها الشيخ الوقور، يا بويبلان و إلى أهْلِ قُرى سفوحك يُهْدي موموح حُلْمَه مُتَمَنِّياً أن يصيرَ حقيقةً.

 
  Aujourd'hui sont déjà 19734 visiteurs (49629 hits) Ici! Copyright Mohamed SFA 2008  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement