.
  سيرة 6
 

مذكرات موموح
سيرة 06

محمد الصفا

ينزل الظلام على تحفورت متدرجاً و متوارياً وراء رداءٍ من السكون رهيبٍ، فينسحب الضوء كما ينهزم بياض الحليب أمام اسْوِدادِه بالقهوة، فيتسلل الخوف و الاكتئاب إلى نفس موموح فتراه ملتصِقاً بتلابيب أمه و هي تُحْكِمُ ربط البقرة و تراقب وجود العنزات ب"تَدْراتْ" (ⵜⴰⴷⵔⴰⵜ) و صغارِها ب"إسَدِّيْنْ" ⵉⵙⴰⴷⴷⵉⵢⵏ.
لا يمنعه تَوَجُّسُه بحلول الليل من التعجب من تبات الدجاجات فوق الأَحْطاب و هي نائمة دون أن تسقط، يسأل أمه عن حقيقة نوم الدجاجات: "مَا جْنِينْتْ تِيَزِيطِينْ أَيْمَّا ؟" ⵎⴰ ⵊⵏⵉⵏⵜ ⵜⵢⴰⵣⵉⵟⵉⵏ ⴰⵢⴰⵎⵎⴰ فتنْهَرُهُ مُؤكِّدةً أن الكلَّ نام إلاّ هو.
يَلْمَظُ موموح سائِلَهُ المُخاطِيّ كما رأى البقرة تفعل ذلك بطرف لسانها، لقد حان وقت العَشاء.
تُنْشَرُ المائدة، " أنْدُو" (ⴰⵏⴷⵓ) و عليه صحنٌ أبيضَ اللون به بُقَعٌ سوداء بفعل اصطدامه بِأوانِيَّ أخرى، تُفْرَغُ البلبولة بالصحن من "مَدُونْ" ("كسكاس" من مواد نباتية) و تُسْقى بشبه مَرَقٍ من ماءٍ به مِلْحٌ و زيت غَلَى حتى جَاشَ بقوةٍ في "بَرْمَةٍ" سوداء بِفِعْلِ الدخان.
يأكل موموح بيديه و هو يشتكي من سخونة الوجبة، حتى إذا انتهى لَحِسَ ما عَلِقَ بأصابعه ...
يَتَوَسَّدُ موموح فَخِدَ أُمِّه التي لم تنته بعدُ من الأكل و خلال مُغالبته للخوف و للنوم يستمعُ إلى سنفونية عجيبة هي خليطٌ من نَقيعِ الضفادع و عُواءِ الذئب و نُباحٍ مُتردِّدٍ لكلاب القرية...

 

 
  Aujourd'hui sont déjà 19734 visiteurs (49619 hits) Ici! Copyright Mohamed SFA 2008  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement