محمد الصفا
أعلم أن الزيتونة هي شجرة مباركة، و أن زيتها سائل "يكاد يضيء و لو لم تمسسه نار"، و أعرف أن الزيتون فاكهة مطلوبة و استعمالاتها متعددة و جد مفيدة، كما أنني متأكد من أن الزيتونة هي شجرة قروية بامتياز، و لماذا لا أكون متأكداً و أنا القروي الذي رأى النور بقرية تغطيها أشجار الزيتون.
و أعلم كذلك أن المصالح البلدية بالجماعات الحضرية في جميع أنحاء العالم تعتمد في اشتغالها على جمالية الشوارع على أشجار و نباتات معينة لا توجد ضمن لائحتها شجرة الزيتون.
و رغم علمي بما سبق فإنني لا أفهم أن تقدم المصالح المعنية استقالتها فيتكفل السكان بغرس الأشجار على حسابهم الخاص و يختار كل واحد منهم نوع الشجر المفضل لديه، بل يقوم بعضهم باقتلاع الأشجار الملائمة التي غرسوها سابقاً على جنبات الطريق أمام منازلهم ليعوضوها بأشجار الزيتون.
فبقدر ما وضعت الدولة عدة برامج لتشجيع الأغراس و خاصة الأشجار المثمرة كالزيتون و الخروب و اللوز...بالعالم القروي بقدر ما أقدمت ساكنة المجالات الحضرية على غرس الأشجار المثمرة و خاصة الزيتون أمام منازلهم.
أنا عاشق الزيتون، أنا ابن الزيتون الذي عاش أجداده بين أشجاره و اعتمدوا في غذائهم اليومي على الزيت و الزيتون، أنا ليست لي مواقف سلبية من هذه الشجرة المباركة و لكنني أعترض على استعمال الأشجار المثمرة على جنبات الأزقة، أنا لا يرضيني بل لا أقبل أن تستعمل شجرة الزيتون كديكور لتأثيث أرصفة الشوارع.
بغض النظر عن كون هذا الاستعمال يعد إهانة لبركة شجرة الزيتون المثمرة فإن لغرسها على الأرصفة سلبيات عديدة، فعلى مستوى الجمالية لا توفر الشجرة ألواناً زاهية، و على مستوى الصيانة، إن وُجدت، يصعب التعامل مع شجر الزيتون كما هو الحال بالنسبة لأشجار الديكور، هذا إلى جانب المشاكل ذات الطابع القانوني التي يمكن أن تُفتعل حول ملكية و استغلال الأشجار المثمرة المغروسة فوق الرصيف.
أعتقد أنه يجب على المصالح المعنية أن تمارس سلطتها و تقوم بتدبير كل الفضاءات التي تدخل ضمن الملك العمومي و تراقب كل التدخلات و الاستغلالات و تمنع كل الإحتلالات و الخروقات و تقوم بوضع و إنجاز برامج تخص تقوية الأغراس الحضرية وصيانتها و المحافظة عليها.
