تكلم حتى أراك
محمد الصفا
أن تكتب ليس كأن تقول، و أن تصرخ قولاً ليس كأن تعبركتابةً.
إن للكتابة طقوساً تتسم بهدوء اللحظة المختارة و برزانة و عمق التفكير و بالاستعداد والإعداد المسبق في كثير من الأحيان، و ربما كانت الكتابة وسيلة فعالة للتواصل الجيد ولتخليد الأفكار وتدوينها.
فهل يغيب عنا الهدوء حين نقول ؟
وهل نلجأ للكتابة فقط حين تخوننا الشجاعة فنركن للهروب حتى لا نواجه؟
ربما وفر لنا القول فرصة النظر في عيون الآخر لإقناعه.
فهل يعد الكلام أفضل وسيلة للتواصل و التبليغ ؟
بل ربما توفر لنا الكتابة فرصة للتخفي و صناعة أقنعة النفاق.
ما الأفضل ؟ الجلوس إلى صديق و محادثته حول موضوع ما و تبادل الآراء و الأفكار، أم العمل بمقولة: "و خير جليس في الزمان كتاب" و الاكتفاء بالكتابة و القراءة حول نفس الموضوع ؟
هل توفر الكتابة إمكانية التعمق و التفكير؟ أم لثرثرة الكلام حسنات التدقيق و التفصيل و امتيازات تتصل بالتفريغ و الترفيه عن النفس و نقل المعلومات و الأخبار بسرعة ؟
قال أحد المختصين في علم الكلام و الفلسفة لأحد زواره و هو ينظر إليه: "تكلم حتى أراك"، ترى هل كان طلبه سيصير بليغاَ لو أنه قال: "أُكتب حتى أراك" ؟ فهل يوفر الكلام حقاً سبل الرؤية و الوضوح ؟ أم إن للكتابة قوة التعبير و إبراز الشخصية.
و في جميع الأحوال فإن الأمر لا يتحمل التعميم، بل إنه من المؤكد أن من الناس من يحسن القول و الكتابة معاً.
|