وضعية الغرف المهنية
محمد الصفا، باحث
|
|
أفضت المناظرة الثانية لغرف التجارة و الصناعة و الخدمات التي نظمت بتاريخ 09 يوليوز 2008 إلى إصدار أكثر من خمسين توصية و توقيع اتفاقيتين.
و بقدر ما يظهر من خلال اشتغال لجان الإعداد و من القراءة الأولية للتوصيات أن الطابع القانوني قد طغى على التصورات و الاقتراحات، بقدر ما نرى أن المقاربة القانونية لا تكفي و لا يمكن اعتمادها كحل للأزمة التي تعيشها الغرف المهنية، وهي أزمة يُفترض لتجاوزها استحضار الحكامة الجيدة أولاً و أخيراً.
و بغض النظر عن المشاكل المرتبطة بالإطار القانوني و التنظيمي (عدم وجود نظام أساسي خاص بالموظفين من شأنه حلحلة المشاكل المتعلقة بالتحفيز والترقية، اختصاصات لا تتماشى والتطورات التي يشهدها المحيط الاقتصادي، مدونة للانتخابات لا تعكس التوزيع الجغرافي والوزن الاقتصادي لمختلف القطاعات...) التي تستوجب ملائمة الترسانة القانونية و الاهتمام بالعنصر البشري، فإن التموقع الجيد و مهننة الخدمات وتوفير الإمكانيات المالية هي ضروريات تستلزم حكامة جيدة تتطلب بدورها شروطاً ترتبط بانتخاب أعضاء جيدين ذوي خبرة و بوجود أطر بكفاءة عالية.
إن الغرف تعاني من مشاكل ترتبط بالحكامة و التدبير، و حتى لو افترضنا استصدار كل القوانين و توفير كل الإمكانيات المالية فإن ذلك لا يعني بالضرورة القضاء على كل الصعوبات التي تحول دون الوصول إلى مؤسسات فعالة.
إن "استقدام" أعضاء منتخبين من بين أفضل رجال الأعمال و أنجحهم لا يكفي إذا لم يقتنع هؤلاء بأن الهدف من انتخابهم ليس هو التعامل مع الغرف كمطية مصلحية أو انتخابية للوصول فقط إلى مجلس المستشارين، بل إن وجودهم بالغرف هو للعمل من أجل جعلها رافعة للاستثمار المنتج من خلال نقل و تعميم النماذج الناجحة لتستفيد منها القطاعات من خلال توفير فرص الظهور و النجاح أمام رجال أعمال آخرين.
الغرف هي إذاً مؤسسات أُحدثت لنقل النجاح في مجال الأعمال بين أعضاء منتخبين يُفترض أن يكونوا قد نجحوا و بين المنتسبين للقطاعات الممثلة داخل الغرف تحت ضمانة التفاعل في إطار ما تقتضيه المصلحة العامة و ذلك عبر وضع استراتيجيات و تنفيذ برامج تصب في اتجاه الرفع من مستوى القطاعات بمساعدة كفاءات إدارية و تقنية متخصصة.
إن غياب شروط نقل النجاح يعني بكل بساطة وجود مؤسسات صورية عوض غرف حقيقةً مهنية.
|