مُومُوح و مَرْبُوح
الفصل 4: الفَوْضَى الْخَلَّاقَة
موموح: أينَ ترَكْتَ أُمَّ جَحْشٍ يا أبا صابِر؟
مربُوح: على الرّصيفِ تَنْشُرُ بَعْضَ الشَّعير.
موموح: و ما خُرُوجُكَ وقْتَ الهَجيرِ و قد اشْتَدَّ الحَرُّ ؟
مربُوح: قَرَّرْتُ اللُّجُوءَ إلى مسْبَحِ التَّحريرِ لَعَلّيَّ أُخَفِّفُ عَلَى نفسي مِنْ وَطْءِ الزِّحامِ فوقَ الرّصيف.
موموح: و هَلْ فُزْتَ بِمَوْطِإِ قَدَمٍ هُناك؟
مربُوح: تقْصِدُ مَسْبَحَ التّحرير أمْ رصيفَ العَدْوَى؟
موموح: تَوَقَّعْتُ أنْ يكون المَسْبَحُ مُريحاً، لكنّ ميْدان التحرير صارَ يَغْرَقُ فيه حتّى مَنْ يُتْقِنُ فَنَّ العَوْم.
مربُوح: و ما قَوْلُكَ في الرَّصيف الذي عَجَّ بالنّاس و هُمْ جُلُوسٌ فتقاسَمَ الخَلْقُ الأسْفَلْتَ مع العربات؟
موموح: سادَجٌ أنتَ يا مربُوح! الرّصيفُ هُوّ لِلْمَشْيِ و الجَوَلانِ و لَيْسَ لِرَصِّ الكراسي و الرِّيعِ المُتَحَرِّكِ و الضَّرْعِ العشوائِيِّ المُدِرِّ لِلَّبَن.
مربُوح: ألَا تَعْلَمُ، و أنْتَ مِنْ فصيلة الأذْكيّاءِ، أنّ الفَوْضى كانتْ أوَّلَ مَرْحلَةٍ في عمليّة خَلْقِ الكَوْن.
مُوموح: أعْلَمُ فقط أنّ الدَّفْعَ إلى أقاصِي الفَوْضى يخْلُقُ وَضْعاً جديداً بأساليبَ جديدة و أَعْلمُ أنّ المُنافَسَةَ المُدَمِّرَة تَرُومُ القضاءَ على القديمِ لِخَلْقِ بُنْيَةٍ جديدة يتحَكَّمُ فيها النَّافِذُون.
مَرْبُوح: كَأنَّكَ تَقْرَبُ "كُونْدَالِيزا" يا موموح !
موموح: "كُونْداليزَا" مِينْ ؟
مربُوح: سمراءُ العَمِّ سَامْ.
موموح: كنتُ أعتقِدُ أنَّ أسفارَكَ غيرُ مكتوبة... لستُ أنا مَنْ يَقْرَبُ ذاتَ السَّاقِ العاري، بل صاحبُ مَسْبَحِ التّحرير هو مَنْ جاءنا مِنْ هُناك يَحمِلُ "تُرابَ" الفوْضى البنّاءة لِيُعيدَ بِه بِناءَ "بُيُوتٍ" أنْبَتَتْ جَمَراتٍ حارِقَة.
مربُوح: لِتُنْبِتَ ماذا يا موموح؟
موموح: يَبَاساً يَصْلُحُ لِعَلَفِكَ يا مربُوح.
مربُوح: و نِعْمَ البناء...
|